( من صفات أهل الجنة )
قال سبحانه وتعالى
{ وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ *
من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود *
لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد }[ق:31 :35 ]
اخبر سبحانه وتعالى عن تقريب الجنة من المتقين ، وأن أهلها هم الذين اتصفوا بهذه الصفات الأربع .
*أحدهما : أن يكون العبد أواباً ،
أي : راجعاً إلى الله من معصيته إلى طاعته ومن الغفلة عنه إلى ذكره .
قال عبيد بن عمير : الأواب الذي يتذكر ذنوبه ثم يستغفر منها ،
وقال مجاهد : هو الذي إذا ذكر ذنبه في الخلاء استغفر منه
وقال سعيد بن المسيب : هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب.
*الثانية : أن يكون حفيظا ،
قال ابن عباس : لما ائتمنه الله عليه وافترضه .
وقال قتادة : حافظ لما استودعه الله من حقه ونعمته .
ولما كانت النفس لها قوتان ـ قوة الطلب وقوة الإمساك ـ
كان الأواب مستعملا قوة الطلب فى رجوعه الى الله ومرضاته وطاعته ،
والحفيظ مستعملا قوة الحفظ فى الإمساك عن معاصيه ونواهيه ،
فالحفيظ الممسك نفسه عما حرم عليه ، والأواب المقبل على الله بطاعته .
*الثالثة : قوله { من خشى الرحمن بالغيب }
يتضمن الإقرار بوجوده وربوبيته وقدرته وعلمه واطلاعه على تفاصيل أحوال العبد ،
ويتضمن الإقرار بكتبه ورسله وأمره ونهيه ، ويتضمن الإقرار بوعده ووعيده ولقائه ،
فلا تصح خشية الرحمن بالغيب إلا بعد هذا كله .
*الرابعة : قوله { وجاء بقلب منيب }
قال ابن عباس : راجع عن معاصى الله ، مقبل على طاعة الله ،
وحقيقة الإنابة عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه
ثم ذكر ـ سبحانه ـ جزاء من قامت به هذه الأوصاف بقوله
{ ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود * لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد }