بــــســــم الله الــــرحـــمـــــــــــــن الـــرحــــــيــــــــم
--------------------------------------------------------------------------------
“استعن بالله ولا تعجز”.. الأمل في الله والثقة بالنفس
--------------------------------------------------------------------------------
لابد من الإيمان بأن الحياة ليست سهلة ستقدم لنا على طبق من فضة، وأنها ليست مفروشة بالورود والرياحين، وأنه لابد من عقبات وتحديات في طريقنا يجب أن نجتازها.. لنشعر بقيمة الحياة، ونعترف بقيمة ما وهبنا الله من النعم.
معظم الناس ينكرون أو يتجاهلون تلك الحقيقة، ويستسلمون ويهملون قدراتهم وإيجابياتهم في الحياة، ولا يتحلون بالصبر والجهاد في الدنيا للوصول لنعيم وجنات الآخرة، قال تعالى: }أم حَسبتُم أن تدخُلُوا الجَنَّةَ ولما يَعلَمِ اللهُ الذين جَاهَدُوا مِنكُم ويَعلَمَ الصَّابِرِينَ{ [آل عمران: 142]
كثيرٌ من الناس أموات وهم على قيد الحياة.. لا يدرون إلي أين هم ذاهبون ولا من أين يأتون وما هدفهم من الحياة.. لا قيمة لهم لأنفسهم ولمن حولهم؟
وأول مؤشرات ذلك، فقد الثقة بالنفس.. وفقدها يؤدي لعدم إدراك الإمكانيات والمواهب والطاقات التي حبانا الله إياها، ولن يتسنى لشخص كائناً من كان الثقة بالنفس إلا إذا تمتع بالثقة بالله الذي لاإله إلا هو.. فالثقة بالله تعني الإيمان الكامل.. وتنير لنا الدروب.. والثقة بالنفس توضح الهدف من الحياة ومن ثم الوصول لتحقيقه.. ولابد من مواجهة النفس والبحث عن أسباب عدم الثقة بها، فما هي؟
أسباب عدم الثقة بالنفس
* ازدراء الذات وتحقيرها وعدم إعطائها حقها.
* عدم الاعتماد على النفس في حل المشكلات.
* الشعور بأن من حولك لا يقدرونك حق قدرك.
* التخوف من انتقادات الآخرين وعدم رضائهم.
* الانطواء على النفس والشعور بالنقص.. يقول عالم النفس”الفرد أدلر” في معنى الإحساس بالنقص “هو شعور يحدو بالمرء إلى الإحساس بأن جميع الناس أفضل منه في شيء أو آخر، ويتنامى هذا الشعور فى الإنسان حتى يُشعره بالدونية والفشل”
* عدم الاعتماد على المحاورة والإقناع في التعامل مع الآخرين.
* البعد عن معرفة النفس والتعرف عيها.
* التقليد الأعمى لشخصية أو شخصيات أخرى والذوبان في تلك الشخصية.
* الاستسلام والانهزام عند أي مشكلة أو موقف يحتاج للمواجهة.
* تحميل الآخرين والمحيطين أسباب الفشل والتقصير.. يقول بيل جيتس: “إذا ما أخطأت وسقطت وارتبكت، فاعلم أن الذنب ذنبك وليس ذنب أهلك أو والديك، وبدلا من أن تبكي وتندب حظك تعلم من أخطائك”
* العيش والانحصار في الجوانب السلبية وعدم محاولة الخروج منها.
* الخوف الدائم من الفشل الذي هو الفشل بعينه.
* الشعور بالتقصير في أدوار الحياة الأساسية كالأبوة والزوجية والوظيفة.
* تقييم النفس تقييما زائفا فاشلا سواء بالسلب أو الإيجاب.. يقول الشيخ على الطنطاوي رحمه الله: “متى تعرف نفسك وأنت يا أخي من حين تُصبح إلى حين تنام مشغول عنها؟.. متى تعرف نفسك وأنت لا تحاول أن تخلو بها ساعة كل يوم تفكر بها؟.. تقول أنا، فهل خطر على بالك مرة واحدة تسأل نفسك: من أنا؟.. متى تعرف نفسك وأنت أبدا تفكر في الناس كلهم إلا نفسك؟”
* الهروب من الاعتراف بجوانب الضعف في النفس.
علاج أسباب فقد الثقة بالنفس
* الرضا بتقدير الله وما حباك به.. والتمتع به، والعطاء للآخرين على قدر عطاء الله لك.
* الاعتزاز بالنفس وعدم التظاهر بالثقة بالنفس رغم عدم وجودها.
* لا تسخر من إنجازاتك (تحقيق احتياجاتك الأساسية ومتطلبات الحياة وتحقيق احتياجات أسرتك ومجتمعك) وحفز نفسك لتحقيق المزيد والأمثل، فالإرادة هي الفاصل بين النجاح والفشل.
* عدم المبالغة في تأنيب النفس للتقصير في واجب من الواجبات.. لا تقسو على نفسك في النقد والعتاب – فقط – اعترف بسلبياتك وأخطائك وابدأ من جديد.
* فكر بهدوء وروية عند مواجهة المصاعب.
* لا تبالغ في مقارنة نفسك بالغير، فلا تقارن كوامن ضعفك بقوة غيرك، فقدرات الناس ومواهبهم مختلفة، فها هو الرفق والرحمة من صفات أبي بكر، وعمر يتمتع بالشدة وعدم التهاون في الحق، فكان لكلٍّ منهما دوره الفعال في نفع الأمة.. يقول “والتراليه”: “لا يمكنني كتابة كتاب يعادل كتب شكسبير، إلا أنني أستطيع كتابة كتاب خاص بي” .
* حاول استثمار مواهبك وتنميتها ولا تنظر نظرة غل وحسد للآخرين لما وهبهم الله وحرمك منه، فستجدهم محرومين من أشياء أخرى مثلك.. وهذه سنة الحياة.
* انظر للجانب المضيء في حياتك وتعرف على مواطن قوتك ومواهبك.
* واجه القرارات الصعبة بنفسك دون الاعتماد على الآخرين، ولا تأسف على ما فاتك.
* حاول التعبير عن نفسك ومشاعرك وانفعالاتك وأمنياتك ورغباتك بحرية واتزان ما لم تؤذ مشاعر الغير.
* لا تجعل لفشل الماضي وعدم تحقق أمنياتك فرصة للتأثير السلبي عليك، بل اجعل لك وقفة مع الماضي بأفعاله وخبراته لتمرسك في المستقبل، ولا يؤرقك الماضي ولا تخف من المستقبل، اجعل إخفاقات الماضي شمعة تضيء دربك، والأمل يحدوك بالمستقبل، فالشخص السوي يستفيد من أخطائه ويتيقن أن الفشل أولى خُطوات النجاح.
* حُسن التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب والإلحاح على الله بأن يلهمك الصواب والخروج من أزمتك.. قال صلى الله عليه وسلم: “إن ما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك” رواه ابن ماجه.
* افتح قلبك وفكرك لانتقادات الآخرين فمن يوجه النقد إليك إنما يحبك ويحاول دفعك للأمام، فقد كان عمر رضي الله عنه يقول: “رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي” اعتبر عمر النقد هدية!! ، وقال الثوري رحمه الله: “من عرف نفسه لم يضره ما قاله الناس عنه مدحا أو ذما”
وكان داوود الطائي قد اعتزل الناس فقيل له: لم لا تخالط الناس؟ فقال: وماذا أصنع بأقوام يخفون عني عيوبي؟
* لا تبالغ في هاجس الخوف من النجاح وأنك ستفشل لا محالة.
* حاسب نفسك –لكن- المحاسبة الإيجابية، وتدارك ما فات، وقم من جديد بقوة ولا تستسلم.. ولنا في غزوة أُحد العبرة عندما أخطأ الصحابة ونزل قول الله تعالى }وَلَا تَهِنُوا وَلاَ تَحزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ{ [آل عمران:139] فقد نزلت تطالب المسلمين ألا يستسلموا للضعف والهزيمة وقد غلبهم اليأس.
* تذكر عند ذهابك فراشك كل ليلة المواقف الإيجابية التي مرت بك لتجديد وبث الثقة في نفسك.
* الابتعاد عن الأفكار السلبية: يقول أبو حامد الغزالي: “أخص الآثار الحاصلة في القلب هو الخواطر، والخواطر هي المحركات للإرادات، فإن النية والعزم والإرادة إنما تكون بعد خطور المنوي بالبال لا محالة، فمبدأ الأفعال الخواطر، ثم الخاطر يحرك الرغبة والرغبة تُحرك العزم، والعزم يحرك النية والنية تحرك الأعضاء”. . فالمقصود بذلك مراقبة الخواطر وعدم السماح للسلبي والسيئ للتسلل لعقولنا وقلوبنا، فكأننا نقوم بتنقيتها من الشوائب حتى لا تتعكر.
* صادق أصحاب الهمم العالية المتميزة بعدم الاستسلام وبالروح العالية والتفاؤل، وتعرف على سير الصحابة والتابعين في علو الهمم.
مثال: عبد الرحمن بن معاوية: نجح في الوصول للأندلس وتكوين جيش مقاتل، ودخل قرطبة وصلى بالناس وخطب فيهم وبُويع له بالخلافة 138هجرية، فكان أول أموي يدخل الأندلس حاكما وأُطلق عليه لقب (عبد الرحمن الداخل).. كل ذلك وهو مطارد وحيد لكنه تمتع بعزم وإرادة وقبلهما الثقة بالله.
* اهمس لنفسك أنك قادر على اجتياز أزماتك واشكر الله على ما وهبك من الكثير من النعم فلا تحزن على القليل الذي فاتك.. وأحفظ كلمات أحسبها من الدرر: يقول ابن القيم: “أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة.. وأنه بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة فلا فرحة لمن لا هم له ولا لذة لمن لا صبر له ولا نعيم لمن لا شقاء له ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلا استراح طويلا” .
* عندما تمر بمحنة حولها بالإرادة والأمل لمنحة تستفيد منها في تحقيق نجاحك وآمالك.
* الخبرة هي الفوز الكبير عند الفشل، فمن يتعرض للفشل يتجنبه في المرات القادمة.
* حدد نقاط ضعفك.. أسبابها.. ثم كيفية التخلص منها.
* لا تكن كالطالب لا يجتهد ولا يبحث إلا عند دخول الاختبار، دون الاهتمام المسبق لمهاراته وقدراته.. وهكذا في كل نواحي الحياة نجد إهمالا مع عدم الثقة في القدرات.
* معظم الأشخاص إذا تعرض لمشكلة ما أو عائق أو عدم تحقق نجاحه في حياته، يشعر وكأن الحياة توقفت، إنما هي سنة الله في كونه، فلا سعادة تدوم ولا شقاء يدوم، ولا نجاح دائم ولا فشل دائم، فلا بد من التعامل بوعي وصبر كبيرين عند الفشل والعوائق.